عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 27-04-2013, 12:38 AM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...الأصلُ في مجتمعنا الإسلامي-أخي الكريم أنور-أن يأتزرَ أفرادُهُ في مَلمَحِهِم العام بالأدب الإسلامي وأخلاقياتِ الإسلام وأن تتسربَلَ مؤسساتـُهُ بها في غيْر إفراطٍ-بالمغالاة والتشدد والتنطع-وفي غير تفريطٍ بالتسيب والتميُّع...

هذا هو الأصلُ في أي مجتمع إسلاميٍّ،يتحاكمُ أهلـُهُ في تأطير حياتهم وتنظيم مجالاتها المختلفة إلى روافدِ الإسلام الثابتة،يصطبغون بها ويلتزمون هَديَها...

وما من ريْبٍ-أخي-أن ظاهرة الاختلاط في مؤسساتنا التربوية والتعليمية-على مستوى التعليم القاعدي أو العالي-في شكلها الحالي،داخل أغلب أقبية الدراسة وقاعاتها على امتداد العالميْن العربي والإسلامي هي إفرازٌ طبيعيٌّ لرواسب الاستعمار الغربي الصليبي وبقايَا مخلفاته الفكرية والثقافية في ما يُعرفُ بـ ( الغزو الفكري ) الذي راحَ يتغلغلُ-سِرًّا أو علانية-في نسيج منظوماتنا التربوية،تحتَ التأثير المباشر أو غير المباشر للوافح التغريب والعلمانية...

والأمرُ لا يحتاجُ منا إلى بذل الجهد للوصول إلى حقيقة هذا الاستنتاج حول الاختلاط ودور الغزو الفكري والأثر الغربي في إنتاجه على الصورة التي هي عليها معظمُ مؤسساتنا التربوية إلا ما عصَمَ الله منها..وما يومُ حليمة بسِرٍّ..!!

صحيحٌ-أخي-أن مظهَرَ التعليم في معظم بلداننا العربية والإسلامية يندرجُ شرعاً في منطقة العفو التي يشمَلـُها المتغيِّرُ لا الثابت،لأننا لو رجعنا إلى سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة فإننا نجدُ أن مسجدَه النبوي الشريف-وقد كان جامعاً لعبادة الصلاة وجامعة للتربية والتوجيه-يضم صفوفَ الرجال في المقدمةِ والنساء في المؤخرة دونما وجود حاجز أو حائل بينهما...

لقد كان الأدب الإسلامي يضربُ بحشمته وحيائه العام بحيث لم يكن هناكَ مجالٌ للتنطع أو التميُّع..!!

صحيحٌ هذا-أخي أنور-ولكن نظرة واحدة-بإنصافٍ ووعي-في طبيعة الاختلاط الذي يظهرُ عليه التعليم في كثير من مؤسساتنا تكفي لمعرفة الفارق-في الاحتشام ومظهره الإسلامي في السلوك والمعاملة-بين جيل السلف وما آلَ عليه الخلف..!!!

المشكلة أساسًا لا تكمنُ في كون الطلاب الذكور تتجمهرُ كراسيهم تحت قبة قاعة الدرس إلى جوار كراسي الطالبات،إنما المشكلة تكمنُ في غياب روح الاحتشام وملمح السلوك الإسلامي القويم الذي يكادُ التغريبُ-تحت ذريعة العصرنة ومسايرة التطورات-يقضي عليه..!!

وقد يستغربُ واحدٌ من هذه الصورة التي أصفها عن ظاهرة الاختلاط في مؤسساتنا التعليمية..وقد يستبعد وجودَها..

وأنا أعذرُ أحبتي الذين يعيشون في بعض البلدان الإسلامية-مثل الحبيبة المملكة العربية السعودية وبعض دول مجلس التعاون-فلربما أعفتهم المقاديرُ من أن يعيشوا فوضى الاختلاط في مؤسساتهم وجامعاتهم..

ولكنني هنا-أحبتي-لا أتحدث عن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المدينة المنورة ولا أتحدث عن جامعة أم القرى في مكة المكرمة..فهذان-مثلاً-نموذجان راقيان للصورة المثلى التي يجب أن يكون عليه مظهرُ التعليم بين الطلبة والطالبات في مجتمعاتنا الإسلامية...

وإنما هنا أنا أرى الصورة بشكل عام وأبعد وأشمل...

أرى العالمَ العربي والعالمَ الإسلامي من المحيط إلى الخليج ومن المحيط إلى المحيط...

أرى أوضاعَ بلداننا الاقتصادية والاجتماعية وأرى ظروفها التاريخية التي تراوحتْ بين اكتوائها بجحيم الاستعمارالعسكري أولاً والفكري ثانيا..فقد ظل عليه اللعنة سنواتٍ وسنواتٍ-وربما قرنا وثلث قرن كما حصل لبلدي الجزائر-وهو يسعى بخيله ورجله وفكره السام أن يمحوَ الإسلامَ محواً وأن يجعله غريباً بين أهله،فلما عجز بقوة الحديد والنار واندحر في جولات المقاومة ورحلَ عسكريًّا،راحَ يستميتُ في استبقاء أدرانه العلمانية في الإدارة والأحوال الشخصية وفي مناهج التعليم وأشكال مظاهره..!!

ثم لن ننسى أبداً-أخي-فعاليات المجتمع الأخرى التي من شأنها أن توجدَ الشكل الذي عليه الطالب أو الطالبة في نهاية الأمر وهما تحت مظلة قاعةٍ للدرس واحدة..أعني : دور الأسرة..المنشأ التربوي من نعومة الأظفار...المسجد ودوره في التوجيه الباكر..الإعلام ووسائله الجبارة في التربية والتوعية والتوجيه...الشارع والسلوك الحضاري الذي يصطبغ به...

ولا شك أن للمسألة أبعاداً وخطوطاً عريضة أخرى..والشكر موصول لمن أدلى بدلوه...

أشكركَ-أخي-على إثارة الموضوع...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس