عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13-02-2013, 11:20 PM
said44 said44 غير متواجد حالياً
Banned
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 93

اوسمتي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يزيد فاضلي مشاهدة المشاركة
...معروفٌ-دكتور سعيد-أن للعرب خصائصهم النفسية والعقلية،ولهم في ( أناهُمُ الأدنى والأعلى ) طباعَهُمْ التي أفرزتْ تقاليدَهم وعادلتهم التي يتحركون في إطارها...

وعلماؤنا المُؤرخون المحققون لا يَزعُمُون-في دراستهم المستفيضة-أن هذه الخصائصَ وهذه الطباع وتلك التقاليدَ ينقلها التاريخُ من جيل إلى جيل،أو أنها تلتزمُ مستوًى ثابتاً وتأخذ مَسَاراً مضبوطاً على اختلاف الليل والنهار،وإنما المتفق عليه يَقيناً أن العربَ أيام البعثة المحمدية كانوا أجدرَ الناس بظهور النبوة فيهم،وكانوا أقدرَ الناس على حمْل أعبائها وتذليل العوائل الهائلة التي تعترضها..!!

والله جل وعَلاَ حين يقول : (( اللهُ أعلم حيث يجعل رسالته )) فهو يَعُمُّ الرسلَ والأممَ التي تسمع منهم وتتلقى عنهم..!!

والخصائص النفسية والعقلية التي تميز بها العربُ هي المرشح الأول لحمْل الرسالة الخاتمة والنفاذ بها من الأسوار الرهيبة التي أقامها القياصرة الرومانُ والأكاسرة الفرس حول خرافاتهم وأهوائهم..!!

وحَمْلُ الرسالاتِ تكليفٌ قبلَ أن يكون تشريفاً،وهي مسؤولية ثقيلة تـُعْيِّي أصحابَها،وتضعهم إزاءَ حِمْل باهضٍ..!!

ومعروفٌ لدينا أن العربَ-بالإسلام وحده وليسَ غيْرَ الإسلام-دخلوا التاريخَ وعرفتهم القاراتُ المعمورة،ولولاَ الإسلام-وباسمه وتحت رايته-ما كان لهم شأنٌ بين الناس فضلاً عن أن يُقدموا بين أيديهم شيئًا ذا بال..

العرب قبل محمدٍ عليه الصلاة والسلام لا يزيدون عن شتاتٍ متناثر،بالكاد كان يَبحث تائهاً حائراً ضائعاً عن وجوده،وبالكاد كان يجده بصعوبةٍ،أما بعد البعثة فقد تبدلوا خلقاً آخرَ وطرازاً آخر وأوضاعاً أخرى..لقد رباهم محمداً ليُرَبي بهِمُ الناسَ من بعده،ولعل هذا هو سرُّ قولة عمر رضي الله عنه المشهورة : (( لقد كنا أذلاءَ فأعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغيْنا العِزة في غيْره أذلنا اللهُ..!! ))..وهي نفس المقولة التي رددها رَبْعِيُّ بن عامر رضي الله عنه في سُرادق رستم الفارسي : (( إن الله ابتعَثنا لنخرجَ العبادَ من عبادة العباد إلى عبادة الله تعالى،ومن ضيق الدنيا إلى سَعَة الدنيا والآخرة،ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ))...

وهذه الحقيقة هُديَ إليها العلاَّمة عبدُ الرحمان بن خلدون بعدما غاص في أعماق النفسية والعقلية و ( الأنا ) العربي،وتابعَ السلطانَ السياسي للعرب وامتداده مذ عصر النبوة فالخلافة الراشدة فالمُلك العضوض الذي ابتدأ ببني أمية في تسعين عاماً واستمرَّ في بني العباس زهاء سبعة قرون،وراحَ يُقيِّمُ مؤشرَ الارتفاع والانخفاض في ذلك الامتداد،فخلـُصَ أن العربَ يستحيلُ أن يقومَ لهمْ مُلكٌ إلا على أساس نبوةٍ،ولا يمكنُ أن تنهض لهم دولة وحضارة إلا على أساس الوحي الأعلى،وأن الإيمانَ بالله تعالى وحده هو فقط ما يُنظمُ حياتـَهم ويرتبُ مشاعرَهم ويَصونُ مواهبَهم ويَجمَع قواهم ويُفجرُ طاقاتهم ويُوحدُ كلمتـَهم،ويَجعلهم حُداة هدايةٍ ونورٍ لا خفافيش ثبور وظلام،وحماة مُثـُلٍ لا أحلاسَ شهَوَاتٍ..!!

العربي في ( أناهُ )-والكلام لابن خلدون-شديدُ الاعتداد بنفسه،قوي الإحساس بشخصه وشخصيته،وهذا طبْعٌ يُعينُ على عمل العظائم وبلوغ الغايات العَصية،غيْرَ أن هذا الشعور الإيجابي كان في الجاهلية مظنة للعجرفةِ والرعونة والجلافة الخشِنة..

تأمل في قول عمرو بن كلثوم :

ونشربُ إن وردنا الماءَ صفواً ** ويشربُ غيرُنا كدَراً وطينَا..!!

أو في قوله :

إذا بلغ الرضيعُ لنا فطاماً ** تخرُّ له الجبابرُ ساجدينا..!!


تأمل في قول المهلهل بن ربيعة ( الزير سالم ) :

ولستُ بخالع درعي وسيْفي ** إلى أن يَخلعَ الليلَ النهارُ..!!


إنها طاقة هائلة-من عنفوان النفس ومَضاءَ الذات-لم يكن غيْرُ الإسلام ليكبح جماحَها ويُغربلها ويُهذبها ويُوجهها حيث ينبغي أن تكون...

أما قصة ( الشعوبية ) وقصة ( الفِرق ) التي دخلتْ خِلسَة أو جهراً في شبكة النسيج الفكري والعقلي والعقائدي والاجتماعي والسياسي وكان ما كان منها-خصوصاً أيام العباسيين-فتلك قصتان طويلتان لا يَسعهما تعليقٌ عابرٌ أو بضعة أسطر..والحديث فيهما يجب أن يمتد طولاً في الحيثيات والأسباب الموضوعية والظروف الحقيقية التي جعلت ( الأنا ) العربية تـُخترَق من قِبلِها،ويجب أن يمتد عَرْضاً في الاستقراء حتى ندرسَ النتائجَ والمآلات بناءً على المقدمات،ويجب أن يتوغلَ عُمْقاً حتى يتمَّ الربط بين جزئيات المسألة لنخرُجَ بتصور صحيحٍ منصفٍ عادلٍ،لا محاباة فيه أو مجاملة..!!

وربما عدنا في مائدةٍ مستديرةٍ أخرى لندلوَ في الموضوع بما فتح اللهُ به علينا...

وبوركتَ على الموضوع دكتور سعيد...

\\==============================================
الاخ يزيد فاضلي
قد جئت بلقطات قيمة لا نختلف عليها .
كانت مقالتي من زاوية محددة
شكرا لاهتمامك مع تحياتي
رد مع اقتباس