[يزيد فاضلي]

...أقرأ-أخي البديع الأصيل الحبيب جمــال-زخـَّاتِ التنهيداتِ الكاويةِ التي تتنزَّى بها أرتالُ الألفاظ والكلماتِ في حُدائيَّتِكَ التي انجرَحَ فيها الجرحُ وانكلمتْ فيها الكلومُ وانحزنَ فيها الحُزنُ،بلْ ومَــلَّ فيها الصبرُ من التصبُّر في حد ذاته،فما عادتِ الكلماتُ تـُسْتسَاغُ في الحلق وما عادَ للحَزَنِ والاستحزان مَعْنـًى بعد أن تبلدَ الواقِعُ العربيًّ-وهو واقِعُنا-في حِسِّنا..وفعلاً-أخي-صارَ البكاءُ والتباكي شكلاً تجاوزَ فينا حَدَّ التبلدِ إلى رتابةِ الروتين ووعثاءِ الترَفِ...!!!

أقرأ-أخي-هذه الحُدائية،فما تنفكُّ مَوجة ٌمن مشاعر الاستخذاءِ تعتري قلمي المُرتجف البائسَ،وأكادُ أرى حُمْرَةَ الخجل الأسيفة تسبِقُ في مِدادِهِ رشحة الحِبْر المُراق..ولا حيلة...!!!

آهٍ أخي...آهٍ وألف آهٍ...!!!

أستصرخُها معكَ،وواقِعُ أمتي الذليل يكادُ يستنطقُ في كياني الهمسَ والخطـَرَات...!!

أستصرخُها معكَ وقد آلَ بنا الهوَانُ والسقوطُ إلى درَكٍ لم يَعُدْ فيه عزاءٌ يُجدي غير غمغمةِ كلماتٍ..وليسَ غيرَ الكلماتِ...!!!

أستصرخُها كما استصرخها الشهيدُ غسان كنفاني قبلي..فكانَ صراخاً..وكانتْ جراحاً :

سُطورُ رسالتي يا أمُّ أحفرُها بسكّين ** وأنزف ما تبقى الآن من نبض الشّرايين
دخان القصف في أنفي عبيرٌ للرّياحين ** ونارُ قذائف الأعداءِ وردٌ في بساتيني
أنا يا أمّي لم أجبن لأنّ الموت يدعُوني ** فإنّ الواقع العربيّ يا أماه يُدميني
فقد جاؤوا لنجدتنا برمحٍ غير مسنونِ ** وقد آلت قضيّتنا لأفـَّاكٍ وملـــعونِ..!!!!

معذرة أخي...ليسَ أمامنا غير البكاء نحتسيهِ مِلْحاً أجاجاً في باحتِنا...

ربما العزاءُ في أجيالنا القادمة..أما الحكام..فقد مسحنا أيدينا منهم قبل مَسْحِ المشايبِ...!!!!

بوركتَ أخي على هاتيكَ الفضفضةِ اللاهبة...وحسبي هذا...!!!!