عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 15-09-2012, 11:09 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...عندما جئنا إلى هذه الحياة-أختي الكريمة البديعة صوريه-لمْ يَكُنْ بُدٌّ في المجيءِ من أن نمشي وراءَ ستار الأقدار التي أرادَها لنا المولى عَزَّ وجَــلَّ لأننا أصْلاَ كنا-في سابق علمه الأزلي-معلومة ًمُقدَّرَة ًفي سِجلِّ قضائه وما كنا نملكُ إزاءَ ذلكَ من أمرنا شيئًا..!!

ولعلَّ الشاعرَ عمر الخيَّام-رحمه اللهُ-كان أقربَ لهذا المعنى حينَ هَمَسَ لنا في ( رباعياتِه ) التليدة :

لبستُ ثوْبَ العيْش لمْ أستشَــرْ...!! ........................

نعَمْ..لقدْ جئنا إلى هذه الحياة وما كان لنا خيَارٌ في أن نختارَ آباءَنا وأمهاتِنا،أو نختارُ شَكْلَ السعادةِ أو الشقاء الذي سَيُساوِقُ رحلة العُمُر المحدودةِ في دنيانا..ولنا أن نرددَ قولَ خالقنا في خشوع وتسليم : (( الذي خلقَ الموتَ والحياة ليبلوكم أيكم أحسَنُ عملاً وهو العزيز الغفور ))...

ولن يختلفَ اثنان معَكِ-أختي البديعة-في أن دربَ الحياة الذي يمشي جميعُنا في سياقِه درْبٌ يُشبه إلى حَدٍّ مَّا الجسرَ والمعبَرَ أو المصعَدَ الأتوماتيكي المعروف...!!!

إن ذلك المصعَدِ يحتوينا في مَساره المضبوط..فنعتليهِ مُدَّة معينة ليأخذَنا حيثُ يُريدُ هوَ،لاَ حيثُ نريدُ نحنُ..!!

وفي رحلةِ السيْر نمضي كالمسافرين،ندفعُ من أعمارنا ومشاعرنا وأفكارنا ضريبة التضحية والفداء التي تقررتْ علينا في غير ما ضجَرٍ أو امتعاض..!!

ضريبة ٌلا نستذيقُ في مَذاقِها إلا ما استنهكتـْهُ فينا طبائعُنا الغلابة وسبحان اللهِ..!!!

هذا أبٌ كادحٌ..يَصِلُ ليلـَهُ بنهاره من أجل أن يُوصلَ السعادة إلى حياة فلذاتِ أكبادِه بأيِّ ثمَنٍ ولو كلفهُ ذلكَ من ضروراتِه وأعصابه ومشاعره وعواطفه وأشواقه وصحته وحياتِه غاليا..!! وهو إنما يُضحي ويبذلُ دون انتظارٍ لمقابل غيَر ما تجودُ به المقاديرُ في بِرِّ الأبناء،وإلا فلا مندوحة من تلك التضحية ولو كان المغرَمُ في النهاية عقوقاً وتمرداً وجحوداً..!!

ولعلَّ الأمَّ هي الأخرى-في ميدان التضحية-تتنازل..بل إنها أكثرُ بذلاً من الأب بحُكم رصيدها العاطفي والشعوري الجياش إزاءَ صغارها..!!

إنها قد تغدو وقوداً تستهلكه الأيامُ في سبيل فلذاتِها..وهي قد تسقط مِزَعاً وبقايَا ولا عَزاءَ لها في الابتسامةِ غير سعادتهم وراحتهم...

وذاك معلم مربي...استنفدَتِ الحياة منه كل جميل،وراحتْ-في رحلةٍ لاحبةٍ-لا تترددُ أبداً أن تعرِكَهُ رحلة التربية والتعليم،فكان كما وُصِفَ بالفعل ؛ شمعة تحترقُ لتضيءَ الدربَ لغيْرها..ثم بعْدَ عُمْرٍ وعطاءٍ،ينسحبُ-مُختاراً أو مُرغمًا-بالمَعاش ليتوارى خلفَ الستار في صمتٍ يُشبهُ النعيَ..!!

وذلكَ طالبُ علمٍ...وذلكَ شَخصُ نشدَ الحبَّ والخيرَ في المنتديات وخارج المنتديات...وذلك...وذلكَ....

إنَّ من نواميس الحياة-أختي-أن ندفعَ من كنانتِنا الكثيرَ والكثيرَ حتى ولو كان الدفعُ ربيباً موازيًّا للجحود والنكران...

هل من وراء ذلك حكمة..؟؟!!!

أكيد...أكيد...وإلا فما المغزى من دِلالةِ التضحية والفداء..؟؟!!!

فإن حدثَ وأنْ جوزينا وكوفئنا في دنيانا الفانية بما نحن أهله كان ذلكَ من باب العاجلة في الخير،وإلا فلا تأسَاءَ ولا امتعاض..فما فاتـَنا هنا لن يفوتنا-إن شاء اللهُ-هناك وعزاؤنا هو قولُ الحطيئة الشاعر :

ومَنْ يَفعَلِ الخيْرَ لا يَعْدِمْ جَوَازيَهُ ** لا يَذهبُ العُرْفُ بين اللهِ والناس..!!!

بوركتِ-سيدتي الكريمة-على هاتيكِ الشذرَاتِ الندياتِ من ( رحلة السفر في هذه الحياة )...ودمتِ قلماً بديعاً..
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس