[يزيد فاضلي]

رقائــق القلبِ في رمضان..( 8 )

أحبـــتي في اللــــه..

ما أفقرَ أمتنا وما أحوجَها إلى أولئكَ الذين يصنعون أمجادَ الحياة-بمبادئهم وأخلاقهم وعلمهم وإنجازاتهم-ورؤوسهم من جمال التواضع ولِين الجانب تكادُ لا تُرفع مِنْ على صدورهم..!!

وما أتعَسَها بأولئكَ القَصَبَاتِ الجوفاء التي تتحركُ بين الناس وليسَ في جوفها إلا العجرفة الفارغة والادعاء الأرعن والضحالة المقيتة...

الصنفان يَصدقُ فيهما البيت الشعري الشهير:

مِلْءُ السنابلِ تنحني بتواضعٍ**والفارغاتُ رؤوسهن شَوَامـخُ..!!

نعـمْ أحبتي...

قديماً قال أهلُ الحِجَـى ؛ (( لا ترفعْ سعرَكَ بالعُجْب في أسواق العَظـَـمَة..!! ))...

لأن المُعجِبَ-بذاته في فراغ-مفضوحٌ ولا شك بفضيحتين :

- الأولى فضيحة الزلل والسقوط أرضاً،إذا ما زالَ الناسُ يقولون عن فلان ؛ (( إن العُجْبَ أخذ برجله فزَلَّ.. )) كمَن يُهمِل النـظـَـرَ في السوق إلى موضع قدمه،فينزلقَ بقشر أو يتعثر بقذى،فمِـنْ راثٍ لحالهِ وشامتٍ،ويقومُ متـَّهَماً،تأتيه النصائحُ من كل جانب،وما هو بحاجة إليها بعد ارتجاج عظامه..!!

- أما الثانية،فهي حين يُغالي فيطلُبُ لنفسه سعراً أعلى،فيفضحه الإمام الشافعي-رحمة اللهِ عليه-في تلك السوق،أنَّ : (( مَنْ سامَـى بنفسه فوقَ ما يساوي،ردَّهُ الله تعالى إلى قيمتــــــــه الحقيقية..!! ))

فمِمَّا يرقق قلوبنا-إخوتي الأحباب-أن يقف الواحد منا دائماً أمام مرآة نفسه،وبعيداً عن الأضواء،ومغالاة الصحب والخـلان في تقديرهم المغشوش لأثماننا،ليبدأ رحلة َ( التسْعِـــير الحقيقية )،ولـْـينظر الواحدُ منا-وكلٌّ منا أعرفُ بالضبط بعد الله تعالى بسعره-كم تساوي قيمتـُـه الحقيقية في سوق العَـظـَـمة..

وتقبل الله مني ومنكم الصيام والقيام في نهار وليالي هذه الأيام الرمضانية،وأن يجعلنا مناخلَ تغربلُ نفوسَنا لنعرفَ ثمننا الحقيقي غداً يوم الآزفــة..