الموضوع: لايهم
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 18-06-2012, 07:28 AM
الصورة الرمزية محمد عباس على
محمد عباس على محمد عباس على غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الأسكندرية -مصر
المشاركات: 407
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى محمد عباس على
افتراضي لايهم



يغرز سهام غضبه فى حبتى عينىّ كعادته ، يتكلم ، يعلو حرفه هادراً فى فضاء المكان دون صوت ، أريد مثل كل المرات السابقة أن أصرخ فيه :
اخرجنى من عينيك
لا أجسر على البوح ، أعاود الصراخ طالباً منه أن يغور فى أى داهية بعيداً عنى ،وأرجع الى الشيشة أفرغ عبر مبسمها انفعالات تتأجج فى صدرى ، لم يعد الولد صغيراً ، يجب معاملته بالحسنى ، لكن أى حسنى مع هذا الصنف من البشر ، إنه لايفكر الا فى التحدى الصامت لى وحدى ، أنا غريمه دون هذا الكون، أحيانا يكون تحدياً بالحروف المبهمة والإشارات الدالة من إحدى يديه ، وربما بتعابير سماته ، آآآآآآآآآه ، لهذا الولد قدرة غريبة على البوح بما يعتلج فى صدره دون أن ينبس بحرف ، يكفى أن تقرأ صفحة وجهه ليدهمك بما يريد .
أنفخ الدخان فى تعاقب يرسم تهويمات تخفى مايرتسم على وجهى من أنين ، كنت اتمنى أن يكون الذراع التى أتكأ عليها ، الكف التى تمتد وقت احتياجى لها ، لايريد سوى المال ، يهوى كلمة هات ، يعتنق مذهب ( لايهم ) كل شىء عنده لايهم ، كل حياته تمضى مع ( لايهم ) ، قم يابنى من النوم ، يرد بكلمة واحدة لايهم ، اذهب يابنى واحضر لى شيئاً الان ، الوقت لايهم ، أصرخ فيه ، يهمنى أنا ، يغرز نظراته فى حبتى عينىّ ساخطاً ملتزماً باغلاق فمه حتى لا أصيد أحرفه وأحاسبه عليها ، درجاته فى الكلية هذا العام لم تكن على المستوى ، عاتبته فى هذا رمانى برده المعتاد ، اكتفيت بطرده من أمامى ، لم يعد لدىّ القدرة على عقابه بالضرب ، ايضا لا امتلك الجرأة على حرمانه من المصروف ، أعرف جيداً حاجته الضرورية للإنفاق مثل زملاءه ، وحتى اذا مافعلت هذا فلن يكون رد الفعل الا كلمته السرمدية لايهم ..القيت المبسم جانباً وقمت خارجاً من الحانوت باحثاً عن هواء جديد ووجوه جديدة ، شارع السوق كما هو ، فيه صبية صغار وشباب ورجال يتحركون ، ويحركون الكون حولهم ، أعينهم تشتعل حماساً ، اجسادهم خفيفة وعقولهم واعية ، يتنفس السوق بهم ، يحملون عبء نشاطه طوال اليوم ، أما هذا فلا يفعل شيئاً ، يجىء الى الحانوت تحت الحاحى ، يجلس بعض الوقت متبرما ، يسعد حينما يفلت من أسر عينى ..استدرت حاملاً ضيقى قاصداً الداخل وأنا لاأكاد أرى ماأمامى ، تعثرت قدمى ، حاولت التوازن ، ثقل جسدى لم يعطنى الفرصة ، هويت بكل مافى القلب على ذراعى اليمنى ، سمعت طقطقة العظام واشعل المّ هائل ناره فى جسدى ، صرخت رغماً عنى آآآآآآآآآآآآآآآه ، رأيت ذراعاً ممدوداً الىّ ، ووجها يحمل تعبيرات خوف وقلق لم اعتد رؤيتهما ، وصوت حان يقول باهتمام :
سلامتك يابابا
رغم الألم وقسوة الوقوع تبسم قلبى راضيا ، مددت يدى استند على يده فى صمت
__________________
محمد عباس على
عضو اتحاد كتاب مصر
عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب
عضو رابطة الأدب الإسلامى
عضو نادى القصة بمصر
my blog : mabassaly.blogspot.com
mohamedabassaly.blogspot.com
رد مع اقتباس