الموضوع: الثمار المُرة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 27-05-2012, 07:47 AM
رحيق الكلمات رحيق الكلمات غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: في قلوب أحبتي أحيا بصمت
المشاركات: 2,212

اوسمتي

افتراضي الثمار المُرة

رمى عبد الرحيم كتابه جانبا وسرح في ملكوت الفضاء كعادته وكأنه يستلهم السماء أن تمطر رذاذها على قلبه لعل نيرانه تنطفئ أو تتوقف مخيلته عن إمتطاء خيول الهم المسرجة بأسرجة الألم.. نظر .. نظرة متأملة بإتجاه بعض الفتية اللذين كانوا يتقاذفون الكرة.. أمام البيت تمنى لو تستطيع روحه أن تنسجم معهم .. أن تحبهم ... أن تغفر لهم نظراتهم وهمساتهم وكلماتهم ذات الأنصل الحادة التي لازالت تخترق قلبه كلما دنا منهم وكانت هي عادتها منذ أن فتح عيناه هنا.. في هذا البيت الذي لم يطالعه فيه سوى تغضنات وجه هذه العجوز البائسة.. تسآل آلاف المرات عن الذنب الذي أرتكبه ليخرج من رحم الحياه وقد حكم عليه باللاحياه .. تسائل عن السر الذي دفع هذه العجوز .... لترأف بحاله وتلتقطه من هناك ظنا منها انها تمنحه حياة أفضل... ألم يكن أفضل لي لو تركتني أموت هناك؟؟ رددها مرارا بينه وبين نفسه....
ظن في البداية انها جدته أو هكذا صورت له مخيلته الصغيرة إلا ان سنوات عمره أوضحت له الكثير وفتحت له أبواب التساؤل.. فقد لاحظ الفرق بين أسماء زملائه في الصف وبين اسمه الغريب الذي لا ينتهي .. عبد الرحيم عبدالله عبدالرحمن...... حتى معلمه في الصف لم يكن يستطيع ان يخفي حركة شفاهه المزمومة وهو يقرأ أسمه... ناهيك عن أقسى سهام الألم التي تناوش قلبه الصغير حين يسمعها تقال له على الملأ من أمهات بعض الصبية المشاكسين ما إن يفكر في الدفاع عن نفسه . يومها عرف أن بحور الحياة أقسى من أن يرتادها وأبوابها أضيق من أن تتسع لحجم معاناته كان ينظر في عيون المارة فيخيل اليه أن كل امرأة تمر هي أمه وينظر في عيون الرجال يستجدي بعض الشبه ... كره الرجال والنساء معا واحتقر كينونته وذاته واصبح منظرا عاديا رؤيته متكوما على نفسه أمام باب العجوز وقد شخصت عيناه للسماء مغرقة بدموع لا تنضب أو ممسكا بعود يخطط به على الأرض كلمات لا تنتهي............

( مستوحاة من واقع مأساوي من ثمرة لاذنب لها سوى أن هناك شخصين لم يدركا أن نتيجة ذنبهما أسوأ من الذنب نفسه)
__________________
رد مع اقتباس