منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   تطفل (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=22176)

زهرة السوسن 04-02-2016 10:36 PM

تطفل
 
جلست وابنتي ذات الثلاثة عشر ربيعا، على طاولة الطعام في أحد المولات الشهيرة، نتناول وجبة الإفطار، لم يكن هناك الكثير من الناس، في ذلك الوقت، وكانت الأجواء هادئة على غير العادة، وفي أثناء ذلك وقع نظري على أربعة أطفال، قدموا إلى ذات المكان، كان منظرهم مثيرا للاهتمام؛ فقد كانوا يرتدون ملابس النوم، ولم تكن هيآتهم حسنة، ويحملون كيسا شفافا، ينم عما في داخله، بدأت أتابعم بحذر شديد؛ خشية انتباههم إلى أن هناك من يرقب خطواتهم.
جلس الأربعة في الزاوية البعيدة المنزوية، حتى لا يكونوا عرضة لأعين الناس هناك، وشرعوا يفرغون محتويات الكيس على الطاولة، لقد كانت المحتويات عبارة عن عبوة مشروب غازي(فانتا برتقال) من الحجم الكبير، وأربعة أكواب من البلاستيك، وكيس بطاطس، اقتربوا من بعضهم البعض، وفرشوا منديلا ورقيا أفرغوا عليه رقاقات البطاطس الحارة، وكانوا يتجاذبون أطراف الحديث في حماسة وسلاسة، وكنت وابنتي نتابع الموقف من كثب وباهتمام شديد، كانت أعمارهم بين العاشرة والحادية عشرة، وكانوا يتمتعون بوجود ألفة عظيمة بينهم، وكأنهم إخوة.
أطرقت قليلا ولم أستطع تناول المزيد من الطعام، أمام هذا المنظر الذي رق له قلبي، وسرح فيه خيالي، وبدأت أتقمص شخصياتهم؛ لجذب المزيد من التعاطف حيالهم، ففكرت أن أقترب منهم، ولكن بأية صفة؟ وماذا سأقول لهم؟ وفجأة وردت إلي فكرة، أحافظ بها على مشاعرهم البريئة، فانطلقت نحوهم، وسلمت عليهم، ودعوتهم لتناول وجبة إفطار على حسابي، عم الصمت بينهم، وكان كل واحد منهم ينظر إلى الآخر، أحسست حينها بأني قد اقتحمت عالمهم البسيط متطفلة دون إذن منهم ، فإذا بأساريرهم بدأت تنفرج عن ابتسامات هادئة لطيفة، كضوء أخضر على الموافقة، ربتّ على ظهر أولهم مبتسمة، وانصرفت عائدة أدراجي إلى منضدة الطعام التي كنت عليها، وأكملنا تناول الوجبة، ونحن نسترق النظر من حين إلى آخر إليهم؛ لننظر كيف يصنعون.
بعد قليل، قام أحدهم واتجه لأحد المطاعم هناك، وبدأ ينتقي لنفسه وأصدقائه من قائمة الطعام، في الوقت الذي تأهب فيه أصدقاؤه، لتغيير طاولتهم، وانتقوا لهم طاولة أخرى في وسط القاعة، وبدأوا أكثر بهجة وانشراحا، وبعد قليل حضر الطعام، فاجتمعوا يأكلون، في مرح وسرور، واضعين الكيس الذي جاءوا به تحت الطاولة، قررنا المغادرة مرورا بهم، ونحن نسير كانت ابنتي تقول لي: لا تنظري إليهم يا امي؛ حتى لا يصابوا بالحرج، وكنت قد أضمرت ذلك في نفسي، فانطلقنا خارجتين، يخالجنا شعور بالبهجة والسعادة، شاكرتين أنعم الله وآلائه، علينا وعلى عباده.
تحياتي: أم عمر

سالم سعيد المحيجري 05-02-2016 08:50 AM

الأخت الشاعرة عائشه الفزارية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أولا سعيد جدا عندما أحضى بالمرور بأمثال هذه الكتابات

نص نثري أستفيد منه الدروس الكثيرة وجميل جدا منك هذه الروح الإنسانية عند مشاركتك للأطفال

ونحييك على أيضا على هذا السرد الرائع متمنين لك التوفيق

وإلى الأمام.

زهرة السوسن 05-02-2016 12:52 PM

أحسنت أخي الكريم، على هذا المرور الطيب، والحياة مليئة، بالجوانب اللافتة للانتباه، وتستحق منا، أن نعيرها، ولو شيئا بسيطا من الاهتمام، أخي الجليل سالم المحيجري.

ناجى جوهر 05-02-2016 08:21 PM



السلام عليكم الشاعرة / عائشة الفزاريّة
جميل جدا هذا البوح المليء بالعواطف السامية
والمشاعر النبيلة، وجميل جدا التأثر بآلام الآخرين
والسعي إلى مد يد العون وتقديم الغوث، وقليل فاعله
بوركت الابنة المباركة النبيهة والأم الرؤوم
وبورك قلمك المبدع وفكرك السليم
وتقبّلي تحيّاتي





زهرة السوسن 06-02-2016 11:33 AM

وبورك فيك أخي: ناجي، صاحب القلم الرفيع، والقلب الوديع، ودمت موفقا.


الساعة الآن 04:45 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية