زمان ومكان
 

من العجائب أنه في كل زمان يظهر تشابه كبير في معاملات الناس وأخلاقهم وتصرفاتهم ، وكل أهل زمان تجد بينهم قاسماً مشتركاً في الخلق والأفكار والآراء واللغات والأهداف ، حتى إنك لتجد أهل التنجيم يحاولون تقسيم الأزمنة للحكم على تصرفات الناس ، وكأنهم يرون أن ثمة سيطرة عامة تفرض سلطانها على أهل هذا الزمن أو ذاك ، فيتشابه صنيعهم ، ويكاد يتماثل سلوكهم ، وانظر مثلاً إلى جيل الصغار الحالي فهو أقدر من الكبار على استخدام أجهزة الاتصالات والكمبيوتر والنت ..وكأن زمان هذه الأجهزة موضوع لهم خاصة .
أما المكان فإنك تجد في كل مكان لغته ولهجته المميزة ، ولا يمكن أن ينشأ أحد في بيئة فيتحدث بغير لسان قومه الذين عاش بين ظهرانيهم ، ولذا فإن من يريد أن يتقن لغة فعليه أن يرحل إلى البقعة التي توجد فيها هذه اللغة ، فيجد سهولة في حفظها والحديث بها ، ويسيطر عليه مسيطر قوي عام يدفعه للكلام بها ، فإذا تغيرت الأزمنة ومرت الحقب فإن اللغات واللهجات تتأثر بهذا المرور ويصيبها تطور وتغير ، فسبحان من لا يتغير ، ولا تدركه عوارض الحدثان .